التهاب الفقرات العنقية وأسبابه

التهاب الفقرات العنقية: الأسباب، الأعراض، العلاج والوقاية

يعد التهاب الفقرات العنقية من المشكلات الصحية التي تصيب الرقبة والفقرات العنقية، ويترتب عليه شعور بعدم الراحة وقد يصل إلى حد التأثير على قدرة الشخص على ممارسة حياته اليومية بشكل طبيعي. يتسبب التهاب الفقرات العنقية في حدوث آلام شديدة وقد يصاحبه تقييد في الحركة أو شعور بالتيبس، مما يعيق النشاط البدني المعتاد. في هذا المقال، سوف نتناول في التفاصيل مفهوم التهاب الفقرات العنقية، أسبابه، أعراضه، طرق العلاج المتاحة وطرق الوقاية منه.

ما هو التهاب الفقرات العنقية؟

التهاب الفقرات العنقية هو التهاب يصيب الفقرات الموجودة في منطقة العنق (الرقبة) في العمود الفقري. يتكون العمود الفقري من سلسلة من العظام التي تسمى الفقرات، وهذه الفقرات محمية بواسطة غضاريف تعمل كممتصات للصدمات بين العظام. في حالة التهاب الفقرات العنقية، يحدث تورم أو تهيج في الأنسجة المحيطة بهذه الفقرات. هذا التورم قد يؤثر على الأعصاب المحيطة، مما يسبب الألم، الخدر، والضعف في أجزاء مختلفة من الجسم.

الأسباب المحتملة لالتهاب الفقرات العنقية

يعتبر التهاب الفقرات العنقية مشكلة صحية متعددة الأسباب. يمكن أن يتسبب في الإصابة بها العديد من العوامل، منها:

1. الإصابات البدنية:
   تعتبر الإصابات الحادة مثل حوادث السيارات أو الإصابات الرياضية من الأسباب الرئيسية لالتهاب الفقرات العنقية. قد تؤدي الحركات المفاجئة أو القوى القوية إلى تمزق الأنسجة الرخوة المحيطة بالفقرات العنقية.

2. التقدم في السن:
   مع التقدم في العمر، تبدأ الفقرات العنقية في التآكل تدريجيًا، وتصبح الغضاريف بين الفقرات أقل مرونة وكفاءة في امتصاص الصدمات. هذا يسبب زيادة الضغط على الفقرات مما يؤدي إلى التهابها.

3. مشاكل في وضعية الجسم:
   الجلوس لفترات طويلة في وضعية غير صحيحة، مثل استخدام الكمبيوتر أو الهواتف المحمولة بشكل مفرط، يمكن أن يؤدي إلى الضغط المستمر على الرقبة والفقرات العنقية. هذا الضغط يمكن أن يسبب التهابًا في الأنسجة المحيطة.

4. الأمراض الروماتيزمية:
   بعض الأمراض مثل التهاب المفاصل الروماتويدي قد تؤدي إلى التهاب في الفقرات العنقية. في هذا السياق، قد تؤدي التفاعلات المناعية غير الطبيعية إلى إلحاق الضرر بالفقرات والغضاريف.

5. الالتهابات المعدية:
   في بعض الحالات، يمكن أن تكون الالتهابات المعدية هي السبب في التهاب الفقرات العنقية. على سبيل المثال، قد تنتقل العدوى البكتيرية أو الفيروسية إلى العظام أو الأنسجة في منطقة العنق.

الأعراض المصاحبة لالتهاب الفقرات العنقية

يظهر التهاب الفقرات العنقية من خلال مجموعة من الأعراض التي قد تتراوح في شدتها. تشمل الأعراض الأكثر شيوعًا ما يلي:

1. آلام الرقبة:
   يعد الألم في الرقبة من أبرز الأعراض المصاحبة لهذا الالتهاب. قد يكون الألم ثابتًا أو يزداد مع الحركة. في بعض الحالات، قد ينتشر الألم إلى الأكتاف أو الجزء العلوي من الظهر.

2. التصلب أو التيبس في الرقبة:
   يعاني المرضى غالبًا من تيبس الرقبة وصعوبة في تحريكها. هذا التصلب قد يكون نتيجة لتورم الأنسجة المحيطة بالفقرات.

3. الصداع:
   يعاني البعض من صداع مستمر أو غير تقليدي، وقد يكون هذا نتيجة للضغط المستمر على الفقرات أو الأعصاب في المنطقة العنقية.

4. خدر وضعف في الأطراف العلوية:
   قد يشعر المصابون بالخدر أو الضعف في الذراعين أو اليدين، بسبب تأثير التهاب الفقرات على الأعصاب التي تمتد من الرقبة إلى الأطراف.

5. صعوبة في النوم:
   يمكن أن تتسبب آلام الرقبة المستمرة في صعوبة النوم، مما يؤدي إلى إزعاج يومي للمريض.

التشخيص

يتطلب التشخيص السليم لإصابة التهاب الفقرات العنقية فحصًا طبيًا دقيقًا يشمل تاريخ المريض الطبي والأعراض المصاحبة. قد يتم اللجوء إلى بعض الفحوصات الطبية لتحديد السبب الدقيق وراء هذه الحالة، مثل:

1. الفحص السريري: يقوم الطبيب بإجراء فحص بدني لتحديد نطاق الحركة في الرقبة ومدى التأثير على الأعصاب.

2. الأشعة السينية (X-ray): تساعد الأشعة السينية في الكشف عن التغيرات الهيكلية في الفقرات العنقية والتأكد من وجود أي تآكل أو تلف في العظام.

3. التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يمكن أن يساعد الرنين المغناطيسي في توفير صور مفصلة للأعصاب والأنسجة الرخوة، وهو مفيد في تشخيص التهابات الأنسجة أو الأمراض العصبية.

4. التصوير المقطعي المحوسب (CT Scan): يستخدم أحيانًا للحصول على صورة دقيقة لهيكل العظام والفقرات.

العلاج

يختلف علاج التهاب الفقرات العنقية بناءً على السبب والشدة، ويشمل عادة مزيجًا من العلاجات الطبية والتقنيات الوقائية:

1. العلاج الدوائي:

   • مسكنات الألم: مثل الأدوية المضادة للالتهابات غير الستيرويدية (NSAIDs) التي تساعد في تخفيف الألم والتورم.

   • مرخيات العضلات: قد يوصي الطبيب باستخدام مرخيات العضلات لتقليل التوتر في العضلات المحيطة بالفقرات.

   • حقن الكورتيكوستيرويد: في بعض الحالات، قد يتم حقن الكورتيزون لتقليل الالتهاب في المناطق المصابة.

2. العلاج الطبيعي:
   يشمل العلاج الطبيعي مجموعة من التمارين التي تهدف إلى تقوية العضلات المحيطة بالرقبة وتحسين المرونة وتقليل الألم. يركز أخصائي العلاج الطبيعي أيضًا على تعليم المريض كيفية تصحيح وضعه لتجنب تفاقم المشكلة.

3. التدخل الجراحي:
   في الحالات الشديدة التي لا تستجيب للعلاج غير الجراحي، قد يحتاج المريض إلى التدخل الجراحي. قد يشمل هذا العلاج إزالة أجزاء من الفقرات المتضررة أو استبدالها لتحسين الحركة والتخفيف من الضغط على الأعصاب.

الوقاية

يمكن الوقاية من التهاب الفقرات العنقية باتباع بعض النصائح اليومية التي تساهم في الحفاظ على صحة العمود الفقري والرقبة:

1. الاهتمام بوضعية الجسم: تجنب الجلوس لفترات طويلة في وضعيات غير صحيحة، واحرص على الحفاظ على وضعية محايدة للرقبة أثناء استخدام الهواتف المحمولة أو الجلوس أمام الكمبيوتر.

2. ممارسة الرياضة: تقوية عضلات الرقبة والظهر من خلال التمارين الرياضية المنتظمة يمكن أن يحسن مرونة العمود الفقري ويساعد في الوقاية من الإصابات.

3. أخذ فترات راحة: إذا كنت تجلس لفترات طويلة، تأكد من أخذ فترات راحة منتظمة لتحريك الجسم والرقبة.

4. استخدام الوسائد الطبية: اختر وسادة تدعم الرقبة بشكل جيد أثناء النوم.

الخاتمة

يعد التهاب الفقرات العنقية من الأمراض التي تؤثر بشكل كبير على جودة حياة الفرد، ولكن بفضل التطور الطبي والعلاج المناسب، يمكن التخفيف من أعراضه والسيطرة عليه بشكل فعّال. من خلال التشخيص المبكر والعلاج المناسب، يمكن للمريض العودة إلى حياته الطبيعية بعد فترة من العلاج.